من أقدم مكتبات إيرلندا، تأسست عام 1592 من قبل الملكة اليزابيت الأولى.
مثيرة للإعجاب من الخارج لكن من الداخل هي من أروع الروعات، وهي تحوي أكبر غرفة مكتبة في العالم المعروفة بالـ «Long Room» التي تضم أكثر من 200.000 من أقدم الكتب.
عبق التاريخ المنبعث من أركان مكتبة ترينتي، التابعة لكلية ترينتي وجامعة دبلن في أيرلندا، يضفي مزيدا من السحر على موجوداتها الثمينة. وشيد مبنى المكتبة، التي تعرف باللغة العربية، باسم مكتبة الثالوث، في العام 800 م من قبل بعض الرهبان.
تشمل ملكية المكتبة، عدة مبان، وتمتد أربعة منها في حرم كلية ترينتي، وهناك جزء آخر موجود ضمن مركز ترينتي في مستشفى سانت جيمس في دبلن. اما المبنى الأصلي القديم للمكتبة، والذي هو تحفة المهندس المعماري توماس بورغ، فعبارة عن مبنى ضخم يعلو وسط الجامعة. ولا تزال المكتبة، حتى الوقت الحالي، محاطة بالمباني التي تماثلها بالحجم، وتضفي عليها المزيد من الهيبة والرونق.
أقسام
تعد المكتبة القديمة: مكتبة ترينتي، واحدة من أكبر مناطق الجذب السياحي في أيرلندا، وتضم بين جدرانها، الآلاف من الكتب القديمة المطبوعة والمجلدات الضخمة النادرة. ويضم مبناها، غرفة رئيسية بنيت بين العامي: 1712 و 1732. ويبلغ طولها 213 قدما بعرض 42 قدما. وتحتوي على حوالي 200 ألف مجلد من أقدم الكتب المتوافرة ضمن. وبنيت هذه الغرفة، للمرة الأولى، وفق منوال تصميم خاص، حيث صممت بسقف مسطح ورفوف للكتب توضعت على مستوى أدنى ومعرض مفتوح.
ومن ثم، في عام 1850 برزت الحاجة إلى إجراء عمليات توسعة في المكان، كون الرفوف جميعها، امتلأت بالكتب والمعروضات. ويرجع ذلك إلى كون المكتبة أعطيت الإذن للحصول على نسخة مجانية من كل كتاب كان قد نشر في أيرلندا وبريطانيا. وشهدت تلك الغرفة، في فترات متلاحقة، مجموعة تغييرات وتطويرات. إذ رفع مستوى سقفها في العالم 1860، بغرض ان توفر وتهيئ القدرة على استيعاب عدد أكبر من المعروضات، ذلك ضمن طبقات عليا.
جوناثان سويفت حاضراً
يتبدى للزائر ملمح جملي فريد من نوعه ضمن الغرفة. إذ تصطف في الغرفة الطويلة، مجموعة مميزة من التماثيل النصفية الرخامية، عددها 14 تمثالا. وتضم ما تلقته المكتبة من النحات الشهير بيتر شيماركس، إلى جانب العديد من التماثيل النصفية التي تجسد نخبة من الفلاسفة والكتاب والرجال الذين دعموا الكلية التي توجد فيها المكتبة.
والأكثر شعبية من بين جميع التماثيل النصفية الموجودة في المجموعة، تمثال للكاتب جوناثان سويفت، الذي أبدعه النحات لويس فرانسوا روبيلياك. كما تعرض الغرفة الطويلة أيضا، واحدة من آخر نسخ إعلان جمهورية أيرلندا دولة مستقلة عن بريطانيا. وهذا الإعلان كان قد تلاه باتريك بيرس، بالقرب من مكتب البريد العام، في الـ 24 من شهر ابريل عام 1916.
«أوشر»
تحتوي المكتبة على العديد من الأقسام وينفرد كل قسم بنوع محدد من المحتويات، حيث يمكن اعتبار كل قسم، مكتبة مستقلة بحد ذاتها، وتتمثل تلك الاقسام في : الكتب القديمة المطبوعة، المجموعات الخاصة التي تضم مخطوطات نادرة وأبحاثا ومحفوظات قيمة، مكتبات الفنون المعقدة التي تتضمن مكتبة بيركلي الموجودة في ساحة الزملاء، المكتبة الرئيسية العريقة التابعة لمبنى الفنون، مكتبة «أوشر» المطلة على حديقة الكلية، مكتبة خريطة «غلوكسمان»، مكتبة هاميلتون للعلوم والهندسة، غرفة القراءة التي تستخدم فقط للدراسات العليا، مكتبة جون ستيرن الطبية ومقرها في مستشفى سانت جيمس، قسم الحفظ والصيانة.
تمتلك المكتبة مستوعبات وادوات تخزين على مستوى عال من التجهيز، ومزودة بتقنيات متقدمة. وبمقدور المكتبة، مع هذه النوعية العالية من الإمكانات والتجهزات، استيعاب مجموعات كبيرة من الكتب والوثائق والمواد. وبناء على هذا الأساس، تتوافر فيها كميات كبيرة من المواد المحفوظة في وحدات التخزين، موضوعة على شكل أكوام، بعضها في أماكن مغلقة داخل الكلية والآخر محفوظ في مستودعات موجودة في ضاحية «سانتري».
درة فنية
تحتوي المكتبة القديمة، العديد من الكنوز الفكرية الثمينة. ومن أشهرها: كتاب «كيلز» الموضوع جنبا إلى جنب، مع كتاب «دورو». وهناك أيضا، كتاب «هووث». إلى جانب عدد من النصوص القديمة الأخرى. ويمثل «كيلز »، أحد أهم آثار الفن الديني في العصور الوسطى. ويلقى هذا الكتاب اهتمام نوعيا. إذ إن أكثر من نصف مليون زائر، يفدون إلى دبلن في كل عام.
ومن ثم يزورون المكتبة، للاطلاع عليه واستكشاف ما يحتويه. وذلك نابع من القيمة الفنية والتاريخية الكبيرة التي يحوزها. إذ إنه يعد من بين الأشياء البارزة، خاصة الكتب، التي يحرص زوار إيرلندا على مشاهدتها والوقوف في طابور طويل لأجل إلقاء نظرة عليها، معتنين معه بالتعرف على المراحل التي مر بها ما بين القرنين السابع والتاسع الميلاديين.
والكتاب هو عبارة عن مخطوطة كبيرة تشتمل على الأناجيل الأربعة، من العهد الجديد، مكتوبة باللغة اللاتينية. ويتألف الكتاب من أربعة مجلدات، يشتمل في داخلها على العديد من الجماليات التي تستقطب نظرات المشاهدين، ومنها الخطوط الملونة والمزخرفة، بالإضافة إلى الرسومات الدينية الجذابة. كما تشير التحقيقات التي أجرها خبراء عديدون في المجال، إلى أن الكتاب مصدره من مكانين، الأول : جزيرة إيونا الواقعة غرب اسكوتلندا. والثاني: مدينة كيلز في مقاطعة ميث الإيرلندية.
كما تعرض المكتبة لزوارها، اثنين من المجلدات الأربعة، أحدها مفتوح على الصفحة الرئيسية المزخرفة، والآخر تم فتحه على واحدة من الصفحات النمطية من النص. ويجري تغيير المجلدات والصفحات المعروضة بشكل منتظم. كما تقدم المكتبة عروضا مرئية حول إعداد الكتاب، مع صور توضيحية عن مكوناته الداخلية. وخلال السنوات الماضية عمل القائمون على المكتبة على إصدار نسخة رقمية من كتاب «كيلز»، بغية جعله متاحا أمام عدد أكبر من المهتمين.
1661
يتمثل التاريخ الحقيقي الفعلي لتأسيس مبنى المكتبة، رغم كونه بني في العام 800، في العام 1592، تزامنا مع تأسيس كلية ترينتي. وشهد العام 1661، حدثا مهما، شكل إضافة مهمة الى عامل تميز قيمتها وكذا مكانتها الحيوية. إذ قدم هنري جونز إليها كتاب «كيلز»، المخطوطة الأكثر شهرة في التاريخ الإيرلندي.
ومن ثم ترك لها جيمس آشر (1625-1656)، رئيس أساقفة أرما، مكتبته القيمة، التي تضم عدة آلاف من الكتب والمخطوطات المطبوعة. وبدورها، بادرت المكتبة، في مقابل هذه الخطوة، إلى نشر أعماله الكاملة، ذلك في أربعة وعشرين مجلدا لا تزال، حتى الوقت الحالي، من بين أبرز محتوياتها. كما منحت المكتبة في العام 1801، حقوق الإيداع القانوني، مما جعلها المكتبة الأيرلندية الوحيدة التي لديها مثل هذه الحقوق في المملكة المتحدة.
قيثارة من العصور الوسطى ومقتنيات نادرة لا تقدر بثمن
تلقت كلية ترينتي، في القرن الثامن عشر، قيثارة بريان بورو، التي تعد واحدة من بين ثلاث قيثارات غيلية، تعود في تاريخها إلى العصور الوسطى. وتلك القيثارة لا تزال موجودة، إلى غاية الوقت الحالي.
وينظر إليها على أساس انها من الرموز الوطنية لايرلندا. كما أن هذه القيثارة المصنوعة من البلوط والصفصاف والخيوط النحاسية، تقبع في الوقت الحالي، في داخل المبنى القديم لمكتبة ترينتي. كذلك تحتوي المكتبة، مجموعة مقتنيات ومؤلفات، لا تقدر بثمن، وتشتهر على صعيد القارة الأوروبية والعالم. وهو ما يزيد ويذكي عبق قيمتها التاريخية. ويجعلها تتركز أماً وأساساً للمكتبات في البلاد.
تلم مؤلفات المكتبة في موضوعاتها، بكافة حقول الفكر والثقافة والعلوم. وتغطي مختلف الفترات الزمنية، علاوة على كونها لا تنحصر في نطاق جغرافي ضيق. إذ توجد فيها كتب ودراسات تعم غالبية الحضارات والثقافات.
مؤسسة تحظى بحق الحصول على نسخة من كافة المنشورات
حصلت مكتبة ترينتي، ووفقا لقانون حقوق الطبع والنشر في جمهورية ايرلندا، الصادر عام 2000، على حق الحصول على نسخة من جميع المواد المنشورة في جمهورية أيرلندا. وذلك جنبا إلى جنب، مع المكتبة الوطنية في أيرلندا، والمكتبات من جامعة أيرلندا الوطنية وجامعة ليمريك وجامعة مدينة دبلن.
أيضا، ونتيجة لقانون الإيداع القانوني للمكتبات البريطانية الصادر عام 2003، الذي يشمل حقوق إيداع المواد القديمة التي يعود تاريخها إلى 1801، مُنحت مع كل من: المكتبة البريطانية ومكتبة بودليان في جامعة أكسفورد مكتبة جامعة كامبريدج، المكتبة الوطنية في ويلز، المكتبة الوطنية في اسكتلندا، حقوق تلقي نسخة من جميع الأعمال التي تنشر في المملكة المتحدة.
وتوفرت للمكتبة بهذا القدرة على ان تضم جميع المؤلفات والدراسات الصادرة. وهو ما يعبر عن مدى كونها مؤسسة ثقافية وفكرية على مستوى واهمية بالغين.