يُقصد به إنشاء أيّة وثيقة على أيّة مادة ونسبة هذه الوثيقة مع مادتها إلى زمنٍ غير الزمن الذي كُتِبت فيه وذلك بتلفيق مادتها ومن ثَمَّ نسبتها إلى زمنٍ أو مؤلِفٍ سابقٍ على زمنِ الوثيقة وليس لاحِق، لإثبات حق لا أصل له.
* دور علم نقد الوثائق Diplomatics: يقوم الوثائقي بإخضاع الوثيقة للبحث والدراسة والفحص والاختبار للوصول إلى توثيق أصلها وفصلها، أو تجريحهِ ومن ثَمَّ الحكم على اختلاقِها، أو أصالتها، على أساس النقد الداخلي والنقد الخارجي للوثيقة.
* مثالٌ على ذلك: تِلك الوثيقة التى أبرزها يهود خيبر بعد وفاة النبي - وثيقة إسقاط الجزية عن يهود خيبر - وفيها أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أسقط عنهم الجزية، وقد عُرِضَت هذه الوثيقة على عددٍ من العلماء الأعلام منهم مُحمد بن جرير الطبري، والخطيب البغدادي، وأبو الحسن الماوردي، وإمام الحرمين الجويني فحكموا بزيفها وكَذِبِها وانتحالها، لأنَّ فيها شهادة معاوية بن أبي سفيان الذي أسلم يوم فتح مكة، وخيبر كانت في سنة سبع وفتح مكة كان في سنة ثمان من الهجرة، وشهادة سعد بن مُعاذ وقد توفيّ سعد عام الخندق سنة خمس أي قبل غزوة خيبر التي كانت سنة سبع.
ويذكر ابن القيم الجوزية رحمه الله أن اليهود قد أحضروا وثيقة الإسقاط هذه بين يدي شيخ الإسلام ابن تيمية فلمّا أنْ فَتَحَها وتأمَّلها بزق عليها، وقال: هذا كَذِبٌ من عِدَّة أوجُه وذَكَرَها.
ومن الطريفِ أيضًا أن هذه الوثيقة قد عَرَضَها يهودىٌّ على الوزير العباسي ابن الفُرات، فلمَّا قرأها قال: مزورٌ، لأنَّ خيبر افتُتِحت بعد تاريخ كتابكَ بسبعةٍ وستين يوماً.
فهؤلاء العلماء الأعلام نظروا في محتويات الوثيقة المزعومة من الناحية اللُغوية والتاريخية وقارنوها بما يعرفون من لُغة عُهود ووثائق النبي - صلى الله عليه وسلم - وبما يعرفون من الحوادث التاريخية الثابتة عندهم فحكموا بأنّها موضوعة. وهذا إن دَلَّ فإنما يدُلُّ على أنَّ نقد الوثائق ليس وليد اليوم بل له جذور ضاربةٌ في عُمق التاريخ. ________________________________________________ المصادر ١- قاسم السامرائي: علم الاكتناه العربي الإسلامي، ص ص٣٥١ - ٣٥٦. ٢- جمال الخولي: مداخلات في علم الدبلوماتيك العربي، ص ص٢٠ - ٢١.