وتشمل عمليات النقد والتحليل الداخلي لنماذج من نصوص الوثائق الواردة في سجلات بيت المال وفروعه والمصالح التابعة له.و تهدف دراسة (الخصائص الداخلية) إلى تفسير نص الوثيقة، وإظهار معناه، والكشف عن مآرب المؤلف ودقته فيما أورده من معلومات ، من خلال دراسة كل ما يتصل باللغة والصياغة والوقائع التاريخية والقانونية، وكلها أمور تدرس في الأصل نفسه.
_______________________________________________
ثانياَ الدراسة الخارجية : تتناولالدراسة الخارجية لسجلات ووثائق عدد من المراحلوالخطوات المختلفة التي كانت تمر بها منذ بداية طلبها، وحتى بداية عمليةالقيد والتدوين بها في كل ديوان من الدواوين، وهذه المراحل والخطوات هي:المرحلة الأولى : تحديد الشكل والمواصفات للسجلات (طريقة الإخراج)المرحلة الثانية : إعداد وتجهيز وطباعة السجلات وتشمل : 1/2/1 تجهيز الورق للدواوين وصناعته ونبذة عن تجارته في مصر :خصائص ونوعيات الورق الذي استخدم في سجلات بيت المال وفروعه والمصالح التابعة له، ووصف لنماذج من أوراق سجلات بيت المال. 1/2/2 طباعة صفحاتالسجلات : المواصفات والمعايير الفنية المطلوبة عند طباعة السجلات، وذلكوفقاً للنماذج التي كانت ترد من بيت المال والمصالح التابعة له. 1/2/3 تجليد السجلات أنواعه وطرقه المستخدمة في الدواوين:إن دراسة (التجليد) تعتبر كأداة لتحديد تاريخ السجل، وذلك بشرط أن يكون التجليد أصلياً وليسإعادة تجليد، لأن المواد المستخدمة في التجليد، وطريقة التجليد نفسها تعتبرمن القرائن الدبلوماتية المهمة التي يجب أن يعتمد عليها الوثائقي لتحديدتاريخ السجل، وكذلك فإن التجليد يدل على مدى الاهتمام بحفظ السجل والعنايةبه منذ إنشائه وحتى الآن، وتعتبر مصر من أقدم الأقاليم الإسلامية التىمارست فن التجليد، حيث تعلمه المصريون من الزنوج فى عصر الدولة الإخشيدية،وذلك فى القرن الرابع الهجري.وكان يعمل فى مصر فىالقرن التاسع عشر الميلادي العديد من (مجلدي الكتب) أو (الكتبية) أو (المجلدين) – كما أطلق عليهم – من مصر واستانبول وغيرها من الدول، كما كانتمطبعة بولاق تقوم بتجليد السجلات الحكومية التى تطلبها المصالح والدواوينلقضاء أعمالها الإدارية والمالية.وكان تجليد السجلات فىالمطبعة يتم وفقاً للمواصفات والمعايير الفنية المحددة والواردة من إدارةبيت المال، حيث كان يتم تحديد (نوع التجليد) المناسب لكل نوعية من السجلات،بناءً على مدى استخداماتها، وأهمية موضوعاتها الإدارية أو المالية، معمراعاة الأثمان المطلوبة لكل نوعية من أنواع التجليد المستخدمة، وهىالتجليد الكلى ونصف التجليد وربع التجليد .ومع اختلاف أنواع التجليد، والمواد المستخدمة في كل نوع منها، إلا أن جميع أغلفة السجلات قد تشابهت في أجزائها التي اشتملت على:- الكعب: هو الجزء الظاهر من السجل على الرف.. اللوح الأمامي (الجلدة الأمامية).- اللوح الخلفي (الجلدة الخلفية): وهى الجلدة التي تغطى السجل من نهايته.. الرأس : هو الحافة العليا للوحي التجليد الأمامي والخلفي. - الذيل: وهو الحافة السفلى من لوحي التجليد الأمامي والخلفي.- الحافة الأمامية: وهى الحافة المواجهة للكعب من لوحي التجليد.- أوراق البطانة: وتسمى أحياناً بجامعة الطرفين، وهى عبارة عن أوراق تبطن بها باطن الجلدة منالناحتين الأمامية والخلفية، وقد تصنع من فرخين من الورق ليترك نصف كلمنهما (كورقة بيضاء) لحماية أول وأخر صفحات السجل.وكان يتم تجليد السجلات (بخياطة الملازم الورقية) مع بعضها البعض من الكعب، باستخدام الخيط (الدوبارة) الرفيع أو السميك، مع استخدام (حبكتين) أو شريطين من الجلد أوالقماش يتم تثبيتهما على كعب الملازم الورقية لاستخدامهما في الخياطة، وبعدذلك كان يتم تركيب ولصق الغلاف الخارجي على الملازم الورقية باستخدام "العجين" أو المادة اللاصقة التيس تميزت بلونها الأصفر أو البنى.
المرحلة الثالثة : تجهيز وإعداد السجلات للقيد والتدوين بواسطة الكتاب. الترقيم في السجلات.فى عام 1262هـ/ 1846مصدر قرار من ديوان عموم التفتيش يقضى بأنه يجب "ترقيم وتنمير الدفاتر قبلختمهم"، وكان كُتاب المصالح والدواوين الحكومية يقومون بترقيم صفحاتالسجلات وأوراقها بالأرقام المسلسلة كخطوة أولى من خطوات تجهيز السجلاتللقيد، حيث كانت تستخدم الأرقام الهندية المعروفة بأشكالها 1، 2، 3….،والتي استخدمت بصفة عامة فى بلاد المشرق العربي آنذاك، مع وجود بعضالاستثناءات القليلة التي استبدل فيها الكتاب هذه الأرقام بالحروف العربيةمثل ترقيم الصفحة (رقم 1) بعبارة "الله واحد"، وترقيم الصفحة (رقم 58) – وهى آخر صفحات السجل – بعبارة "ثمانية وخمسين لا غير"، وكذلك ترقيم الصفحة (رقم 96) بعبارة "فقط ستة وتسعين لا غير زيادة".ورغم تشديد الحكومة علىترقيم أوراق السجلات بالقلم الحبر، فإنه توجد بعض السجلات التي تم ترقيمهابالقلم الرصاص، كما أنه توجد بعض السجلات الأخرى التي لم يكتمل ترقيمصفحاتها، حيث توقف الترقيم فى هذه السجلات عند آخر الصفحات المكتوبة، وهوما يدل على أن صفحات هذه السجلات قد تم ترقيمها بعد انتهاء الكتابة مباشرة. 1/3/2 : الأختام :أنواعها، وأشكالها، وكيفية الاستفادة منها في الدراسات التاريخية.يعرف علم دراسة الأختام (بالسجليوغرافيا) وهو العلم الذي يعنى بدراسة الأختام وما تحمله من رموزوإشارات وكتابات ورسوم، بغرض التثبت من صحة الوثائق والسجلات التي تمهربها.والختم (أو الخاتم) هوتلك الحُلية التي عرفت منذ القدم، والتي كان يلبسها الناس في أصابعهم، حيثكانت تحفر الكلمات والرسوم المختلفة على رأس هذا الخاتم بحيث يكون حفرهامقلوباً أي تكتب الكلمات العربية من اليسار إلى اليمين حتى إذا ختم بهذاالخاتم بعد غمسه في المداد أو نحوه تظهر الكلمات معتدلة كما تظهر الكلماتأيضاً بلون الورق على أرضية بلون المداد المستخدم، وذلك في حالة تفريغ موضعالكلمات من رأس الختم، وهو ما يعرف (بالختم الغائر) .وكانت (مصلحة الضربخانةالمصرية) هي الجهة الحكومية المنوط بها صنع الأختام للمصالح والدواوينالحكومية الأخرى، فى مصر فى القرن التاسع الميلادي ، حيث كان يتم صنعالأختام المستخدمة من (الفضة) ، أو (النحاس) ، وذلك بناءً على ما كان يطلبهالقائمون على الإدارة من تحديد لنوع المعدن المستخدم، وكذلك الصيغالمكتوبة في هذه الأختام. 1- أختام السجلات. 2- أختام الموظفين الشخصية. 3- أختام بيت المال. 4- أختام المتوفين. 1/3/3 : إعداد الغلاف الخارجي.استخدمت الأغلفةالخارجية الأمامية للسجلات فى تدوين بعض البيانات عن هذه السجلات، وذلك قبلالبدء فى القيد والتدوين فيها ، حيث كان كتاب بيت المال يقومون بتدوينعناوين وتواريخ استخدم هذه السجلات، بالإضافة إلى بعض المعلومات الأخرى،وذلك بعد لصق ورقة بيضاء صغيرة فى أعلى الغلاف الخارجي الأمامي لكل سجل، أوبتدوين هذه البيانات مباشرة على الغلاف دون استخدام أوراق بيضاء، حيث كانيتم التدوين بالقلم الحبر الأسود المستخدم في كتابة الوثائق.ولقد اعتاد الكتاب علىإجراء هذه الخطوة كإحدى خطوات تجهيز السجلات للاستخدامات الإدارية أوالمالية المختلفة بالمصلحة، وذلك بغرض التعريف بالسجل لتسهيل عمليةاسترجاعه أثناء الاستخدام الجاري، ولذلك فقد دونت المعلومات الواردة علىهذه البطاقات الورقية بصيغ مختلفة منها على سبيل المثال: "جزء ثالث ضبطتركات المتوفيين ببيتمال محافظة مصر سنه 97 افرنكية"، و "دفتر قيدالمتوفيين بالمحروسة ومصر القديمة وجارى حصر اسمايهم بمصلحة بيت المالبالمدة من 14 ب سنه 256 لغاية…"، و "جريدة الماهيات والمصروفات توتي سنه 259 على الله حسن الختام ورقة عدد [20]" ، و "دفتر لقيد الصادر بصندوقالأيتام سنه 1885 وعلى الله حسن الختام أمين أمين"، ولنفس الغرض السابق – وهو تسهيل عملية استرجاع السجلات – لصقت أيضاً على الغلاف الخارجي الأماميعدة بطاقات أخرى مختلفة الأشكال والأحجام، وضعت على هذه الأغلفة في أماكنالحفظ المختلفة التي حفظت فيها هذه السجـلات، وقـد تـراوح عـدد هـذهالبطاقات ما بين بطاقتين إلى خمس بطاقات على السجل الواحد.- إعداد صفحة العنوان وكيفية الاستفادة منها.اشتملت معظم سجلات الدواوين الحكومية على (صفحة العنوان) التي استخدمت في عدة أغراض مختلفة، وهى : 8. تدوين عنوان وتاريخالسجل ورقم الجزء – إن وجد – وذلك للتعريف به، وهذه المعلومات كان يدونهاالكتاب بأقلامهم وخطوطهم قبل استخدام السجل فى القيد والتدوين، وقد دونبعضهم هذه المعلومات على شكل حرد المتن أو (القلوفون) فى بعض السجلات، كماأن هذه المعلومات قد وردت بصيغ مختلفة منها على سبيل المثال : "دفترالأمانات توتي 91 وعلى الله حسن الختام"، و "جزو أول ضبط التركات بمصلحةبيت مال مصر توتي 1271"، و "جزو ثاني صادر الدواوين ببيتمال محافظة مصر سنه 97افرنكية"، و "جزو أول جريدة مطلوبات الجهادية بديوان عموم مصلحة بيت مالمصر سنه 1881 واحد وثمانين افر نكى". 9. تدوين فهرس بأسماءالأشخاص أو الأماكن أو الدواوين والمصالح والجهات الأخرى التى سيتم قيدوثائقها بالسجل، وهذه الفهارس كان يدونها كتاب بيت المال أثناء عملية القيدوالتدوين بالسجل، حيث كانت تشتمل على اسم الجهة أو الشخص ورقم الصفحةبالسجل، وكان يتم تدوينها فى مواضع مختلفة من صفحات العناوين بهذه السجلات. 10. دون تقويم السنة الإدارية فى صفحات العناوين لبعض السجلات المالية، وذلك لاستخدامه أثناء عملية القيد والتدوين بالسجلات. 11. استخدمت صفحةالعنوان فى تدوين بعض المعلومات عن حجم السجل ونوع تجليده وعدد أفرخ كلسجل.، وهذه المعلومات وردت فى عبارات مثل "50 بيت مال مصر عال سختيان"، "40بيت المال"، "50 قلم المبايعات". 12. دونت معلوماتمختلفة عن حالة السجل أثناء تسلميه من دفترخانة بيت المال إلى الدفترخانةالعمومية بالقلعة، وهذه المعلومات وردت بصيغ مختلفة منها : "عند الاستلاموجد به ورقة نمرة 158 مقطوع فى خانت الكتابة وفاقد مقدار ربع الورقة"،و"أوراقه بها وساخة وتمزيق ولصق ورق أبيض عليها"، "أوراقه سايبة وبدون ختموجلده كهنة"، و"مفسخ"، و"عند الاستلام وجد هذه الدفتر به رطوبة مياه وبهمحى كتابة من الرطوبة"، و"به ورق ممزق وفاقد منه قطع بها كتابة ووساخة ونقطحبر على الكتابة وسايب من بعضه". 13. دونت على صفحاتالعناوين للسجلات أرقام الحفظ التي رقمت بها فى أماكن الحفظ المختلفة،وخاصة أرقام حفظ السجلات فى الدفترخانة العمومية بالقلعة. 14. اشتملت صفحاتالعناوين على بيان إجمالي عدد أوراق كل سجل، مع توضيح مقدار عدد الأوراقالتى تم التدوين فيها، وتلك التى تركت بيضاء بدون كتابة، وذلك بصيغ مختلفةمنها:
"نمرة " 265 مكتوب 133 ابيض 398 "ورقة "ــــــــــــــــــــــمكتوب 34 ابيض 40 " ورقة " ـــــــــــــــــــــ عدد 19 مكتوب 31 ابيض 50 " ورقة " 100 جميعه مكتوب ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ - المرحلة الرابعة : القيد والتدوين بالسجلات . الأقلام المستخدمة في التدوين. الحبر والرمل . الخط. كان للكتابة أبلغ الأثر عند جميع الأمم، وذلك لتميزها فى حفظ تراث الأمم السابقة فى دواوين العلم، إذ أن العبارة المكتوبة تلي العبارة المنطوقة فى الإفصاح عن الفكر، لذا وجب دراسة خطوط السجلات، ذلك لأن لكل عصر نهجاً خاصاً به في الخط ونظام كتابته، وهو ما يعنى به (علم الباليوجرافيا) أو (علم دراسة الخطوط القديمة)المستخدمة فى كتابة الوثائق والسجلات.