الوثائق التاريخية واستعادة طابا __________________________
* نُبذة عن النزاع بدأ النزاع على طابا بين مصر وإسرائيل في مارس ١٩٨٢م قبل شهر واحد من الانسحاب الإسرائيلي من سيناء، وذلك عندما أعلن رئيس الجانب المصري في اللجنة المصرية الإسرائيلية أن هناك خلافًا حول بعض النقاط الحدودية خاصةً العلامة ٩١، وقد اتفقا الجانبان المصري والإسرائيلي على تأجيل انسحاب إسرائيل من طابا وحل النزاع طبقًا لقواعد القانون الدولى ومعاهدة السلام.
وذلك طبقًا للمادة السابعة من المعاهدة التي تنُص على أن "تُحَل الخلافات بشأن تطبيق أو تفسير المعاهدة عن طريق المفاوضات، وإذا لم يتيسر حل هذه الخلافات عن طريق المفاوضات تُحَل بالتوفيق أو تُحال إلى التحكيم".
وقد أعلنت إسرائيل في ١٣ يناير ١٩٨٦م موافقتها على قبول التحكيم الدولي، وانتهت المُباحثات بين الطرفين إلى ما سُمَّي ب "مُشارطة التحكيم" التى وقِّعت في ١١ سبتمبر ١٩٨٦م، وتمثلت مهمة محكمة العدل الدولية في تحديد مواقع النقاط وعلامات الحدود محل الخلاف.
* البحث عن الوثائق بدأ الجانب المصري تعقُب كل وثيقة تتصل بطابا أو بالحدود الشرقية لمصر منذ تشكيل "اللجنة القومية لطابا" أو ما عُرِفَ ب "لجنة الدفاع عن طابا" في مايو ١٩٨٥م، وانتهى في أبريل ١٩٨٨م، أي ثلاث سنوات كاملة بحثًا عن الوثائق.
ومن الجدير بالذكر أنَّ الفريق المصري للدفاع عن طابا قد سبق الإسرائيليين إلى كل مكان في العالم به وثائق تتعلق بموضوع النزاع، واستطاع بكفاءاته القانونية والدبلوماسية والعسكرية أن يتغلب على كل المفاجآت والمناورات التي قام بها الطرف الآخر، وأن يُفنِّد حُججه وأسانيده.
وقد تنوعت الأدلة التي قُدِّمت للمحكمة من الجانبين المصري والإسرائيلي، وشملت من بين ما شملت الوثائق التاريخية، والخرائط، والمجسمات الطبيعية، والإحداثيات الشبكية، وكتابات المعاصرين، والزيارات الميدانية إلى مناطق الخلاف، وبقايا أعمدة الحدود، وشهادات الشهود، وأشرطة الفيديو.
ومن بين هذه الأدلة المادية احتلت الوثيقة التاريخية مكان الصدارة، الأمر الذي يمكن الاستدلال عليه إحصائيًا من نص الحكم الذي نطقت به المحكمة الدولية.
فقد تم الاعتماد على الوثائق التاريخية بنسبة تصل إلى أكثر من ٦١% من منطوق الحكم، وتم الاعتماد على باقي الأدلة، والتي جاءت من ثمانية مصادر بنسبة تقل عن ٣٩%، أي أنَّ أيَّاً من تلك المصادر لم يتجاوز نصيبه من منطوق الحكم ٥%، مما يُفرد مكانة خاصة للوثيقة التاريخية.
* الحُكم بمصريِّة طابا في ٢٩ سبتمبر ١٩٨٨م أعلنت هيئة التحكيم الدولية في الجلسة التي عُقِدت في برلمان چنيف حكمها في قضية طابا، حيث صدر الحكم بأغلبية أربعة أصوات من أصل خمسة بمصريِّة طابا، واعتراض صوت واحد هو صوت القاضية الإسرائيلية روث لابيدوث.
وأخيرًا فإنَّ الشاهدَ فيما ذكرتُ آنفًا هو إيضاح مدى قيمة وأهمية الوثائق في إثبات الحقوق، وكيف كانت الوثائق التاريخية والخرائط التي قدمها الجانب المصري الفيصل في الحكم الخاص بقضية طابا. ________________________________________________ المصادر ١- يونان لبيب رزق: الأصول التاريخية لمسألة طابا "دراسة وثائقية" .- القاهرة: الهيئة المصرية العامة للكتاب، ١٩٨٣م، ص ص٢٠- ٣٣، ٧٩- ٨٥. ٢- يونان لبيب رزق: طابا..قضية العصر .- القاهرة: مركز الأهرام للترجمة والنشر، ١٩٨٩م، ص ص٤٣- ٦٢، ٢٥٣- ٢٨٠، ٣٢٥. ٣- نبيل العربي: طابا - كامب ديفيد - الجدار العازل "صراع الدبلوماسية من مجلس الأمن إلى المحكمة الدولية" .- القاهرة: دار الشروق، ٢٠١٢م، ص ص١٥٣- ١٧٠، ١٨٩- ١٩٦. ٤- خالد الفيشاوي: طابا..الأرض المصرية بين متاهات الحلول السلمية. مجلة الفكر الإستراتيجي العربي؛ ع١٨، ١٧، سنة ١٩٨٦م، ص ص٤٢٧- ٤٣٦.