27 Apr

وثائق البَيْعات/ أو المُبايعات
______________________
البَيْعات جمع بَيْعة، وهي اسم مصدر لبايع فلانٌ الخليفة يُبايعه مُبايعة، ومعناها المُعاقدة والمُعاهدة.

وقد عظَّمَ الله من شأنها وحذَّرَ من نَكْثِها بقولهِ خِطابًا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفْسِهِ ۖ وَمَنْ أَوْفَىٰ بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا" [الفتح: ١٠]، وأمر بمبايعة المؤمنات في قولهِ تعالى: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ۙ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" [الممتحنة: ١٢].

والأصلُ فيها بعد الإجماع ما ثبتَ في الصحيحين من حديثِ عائشَةَ - رضي الله عنها -: "أنه لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمعت الأنصار إلى سعد بن عُبادة في سقيفة بني ساعدة، فقالوا: منَّا أميرٌ ومنهم أمير، فذهب إليهم أبو بكر وعُمر وأبو عبيدة بن الجرَّاح، وأراد عُمر أن يتكلم فأسكته أبو بكر؛ وكان عمر يقول ما أردتُ بذلك إلَّا أني قد هيَّأتُ كلامًا أعجبني وخشيتُ أن لا يبلُغَهُ أبو بكر، ثم تكلم أبو بكر فتكلم أبلغَ الناس. فقال في كلامه: نحنُ الأمراء وأنتم الوزراء. فقال الحباب بن المُنذر: لا والله لا نفعل! منَّا أميرٌ ومنكم أمير، فقال أبو بكر: لا ولَكِنَّا الأمراء وأنتم الوزراء، فبايعوا عُمرَ أو أبا عُبيدة. فقال عُمرُ: بل نُبايعك فأنت سيدُنا وخيرُنا وأحبَّنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأخذ عمر بيده فبايعه وبايعَ الناس".

ومن المعروف في الأنظمة السياسية العادلة أنه عند انقضاء فترة ولاية حاكم الدولة أو وفاته أو تغييره، فإن الحاكم الجديد يُختار بواسطة الشعب عن طريق أسلوب الانتخاب أو الاستفتاء، أمَّا في الأنظمة الاستبدادية فإن اختيار الحاكم الجديد يتم بطريقة تلقائية كأن يتولَّى ولي العهد بدلًا من الملك المُتوفى في الأنظمة الوراثية، أو تقرر المجالس التشريعية اختيار الحاكم الجديد، والعمل على تأييده من جانب الشعب.

هذا التأييد الذي نَلْمَسَهُ اليوم في صورة الانتخاب أو في صورة برقيَّات اعتراف، كان يُطلق عليه في الدولة الإسلامية لفظ البَيْعة.

فوثائق المُبايعات هي "الأدلة الكتابية التي تُثبت التأييد والطاعة والخضوع لسلطة الحاكم الجديد سواء كان خليفة أو سلطان، ويقوم الوزير الأول في الدولة بالإشراف على عقد البَيْعة".

وقد أورد القلقشندي في "صبح الأعشى" في الجزء التاسع نماذج كثيرة للمبايعات.
________________________________________________
المصادر
١- القلقشندي، أحمد بن علي بن محمد (ت ٨٢١ ه): صبح الأعشى في صناعة الإنشاء .- القاهرة: المطبعة الأميرية، ١٩١٦م، ج٩ ص ص٢٧٣- ٣٠٣.
٢- جمال الخولي: مداخلات في علم الدبلوماتيك العربي .-ط٣.- الإسكندرية: دار الثقافة العلمية، ٢٠٠٢ م، ص ص٤٣- ٤٤.
٣- محمد إبراهيم السيد: مقدمة للوثائق العربية .- القاهرة: دار الثقافة للنشر والتوزيع، ١٩٩٣م، ص ص٦٣- ٦٤.

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة